اخر الاخبار العاجلة من مصر نيوز أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم
البورسلي... أول سفير كويتي في اليمن - مصر نيوز
مصر نيوز يكتُب.. ما إن تدلف إلى حديقة «دار الكتب الوطنية» في صنعاء حتى تبرز أمامك عبارةٌ منحوتة فحواها «هدية المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح إلى الشعب اليمني 1388هـ/1968م»، هذا المبنى الذي افتتحه القاضي عبدالرحمن الإرياني – رئيس المجلس الجمهوري حينذاك – وأثناء الافتتاح كان يقف بجواره سعادة السفير جاسم البورسلي، أول سفيرٍ كويتيٍ مُعتمدٍ لدى اليمن، فقد أعلنت الكويت كأول دولةٍ خليجية اعترافها بالجمهورية اليمنية الوليدة في عام 1969م، بالرغم من وصول وفدٍ كويتي إلى صنعاء عام 1963م، وهو العام الذي يوثق بداية العلاقات الكويتية – اليمنية، وكان من ثمار هذه الزيارة افتتاح «مكتب المشاريع الكويتية» والتابع للهيئة العامة للجنوب والخليج العربي – ذراع الكويت التنموية في تلكم الفترة.
ولعل سعادة السفير البورسلي يتذَّكرها بقوله: «كانت الحياة في اليمن عموماً، وفي صنعاء خصوصاً صعبة جداً من جميع النواحي، حيث كانت المناوشات لا تزال قائمة بين الجمهوريين الذين قاموا بالثورة السبتمبرية عام 1962م، وبقية الإماميين المطرودين من اليمن، وكانت المواصلات الداخلية والخارجية شبه منعدمة، فعلى سبيل المثال كان الوصول إلى صنعاء يتم عن طريق عدن – التي كانت حينذاك تتمتع بحكمٍ ذي توجهٍ يساريٍّ شيوعي، وكانت الحياة الاقتصادية فيها لا تزال مُنتعشة بعد الاستقلال عن بريطانيا، بل وكانت تُدعى ب«Small London»، قبل أن تتخذ الحكومة الجديدة قرار تأميم جميع مرافق الاقتصاد الذي قضى على الانتعاش الاقتصادي فيها، وجعلها قريةً نائية... وكانت السفارة في صنعاء تجلب جميع ما تحتاجه من موادٍ تموينية وغيرها من عدن، وبواسطة سيارة اللاندروفر التابعة لها، وفي ثماني ساعات، نظراً لوعورة الطريق الترابي الرابط بين صنعاء وعدن عبر الجبال مروراً بمدينة تعز، هذا إذا لم تقطعها سيول الأمطار، وهنا يجب الانتظار حتى تنحسر السيول.
وصنعاء مدينةٌ متميزة بطراز مبانيها التي تتكون من أربعة أو خمسة أدوار، الأرضي للمواشي وعلفها، والدور الأول لحفظ مواد التموين، والثاني للاستقبال، أما الثالث والرابع فيخصصان للنوم، وأخيراً الدور الخامس والذي يتكون من غرفةٍ مشرفةٍ تطلُّ على المباني الأخرى – اصطلح على تسميتها بالمُنظرة أو المفرج – وكان للكويت نشاطٌ بارز من خلال «الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي»، يتمثل في بناء المدارس والمستشفيات إلى جانب بناء جامعة صنعاء، كما تبرع أمير دولة الكويت حينها المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح ببناء مكتبةٍ عامة أُطلق عليها «دار الكتب»، وقد حضر رئيس الجمهورية حينذاك عبدالرحمن الإرياني افتتاحها... ومن خلال هذه الكتابة الشَّيقة التي دوَّنها سعادة السفير جاسم البورسلي، ولخصَّ بها انطباعاته عن اليمن في ذلك الوقت وفي تلك السنين الصعبة، لتعد بحق عُصارة خِبرةٍ، وخلاصة تجربةٍ، وذكراً خالداً في سِفر التاريخ.
وكانت له – رحمه الله – بصماتٌ كثيرة في دعم مسيرة المشاريع التنموية الكويتية باليمن، وإحقاقاً لحقه، لا بد من إيراد سطور عنه... فهو جاسم محمد أحمد البورسلي، ولد بحي البورسلي عام 1934م، والتحق بالدراسة في مدرسة الملا عبدالوهاب الأهلية عام 1943م، ثم التحق عام 1946م بالمدارس الحكومية بدايةً من المدرسة الشرقية القديمة، ثم المدرسة الشرقية الجديدة «معهد الدبلوماسيين حالياً»، وفي 1950م انتقل إلى المدرسة المُبَاركية في الصف الأول الثانوي، وفي عام 1952م افتتح بهذه المدرسة صفٌ جديدٌ مُخصص لإعداد وتأهيل مدرسين كويتيين لتدريس طلاب المرحلة الابتدائية، ونظراً لاحتياج البلاد لمثل هكذا كوادر، التحق مع العديد من زملائه بهذا الصف، وتفوَّق في أول سنةٍ ليُنقل بعدها إلى «دار المعلمين الابتدائية» في العاصمة العراقية بغداد، ثم إلى مدرسة الإعدادية المركزية لإتمام المرحلة الثانوية، وبعد تخرجه غادر بغداد إلى القاهرة عام 1954م ليدرس بكلية الآداب، جامعة القاهرة، التي تخرَّج فيها عام 1959م، وليشدَّ رِحاله للعودة إلى وطنه للإسهام في نهضتها وتطورها، حيث عُيّن رئيساً لقسم المساعدات بوزارة الشؤون الاجتماعية، ثم مراقباً عاماً للخدمات، ومشرفاً على الأندية الرياضية ومراكز الشباب الاجتماعية في كلٍّ من الجهراء والفروانية.
وبعد نيل الكويت استقلالها عام 1961م، وتمهيداً لفتح سفاراتٍ كويتيةٍ في الخارج، اُختير لدراسة اللغة الإنجليزية في بريطانيا، والتحق بكلية Queen College التابعة لجامعة أكسفورد، وبعد الانتهاء من هذه الدورة عُيّن سكرتيراً ثانياً في سفارة الكويت بتونس عام 1962م، وفي 1963م عُيّن رئيساً للقسم القنصلي بوزارة الخارجية، ثم عُيّن سكرتيراً أولاً في السفارة بالعراق عام 1964م، ليترقى بعدها ويُعيّن قنصلاً عاماً في مدينة البصرة، نظراً لأهمية هذه المدينة بالنسبة لزوارها الكويتيين، ولقربها من الحدود فيما بين البلدين عام 1966م.
وفي عام 1968م عُيّن مستشاراً للسفارة في لبنان، ثم سفيراً في اليمن للأعوام (1969 – 1971م)، ونُقِلَ بعدها للعمل في السودان كسفير، ثم بتركيا عام 1974م، ثم في البرازيل عام 1977م، فسفيراً في الجزائر لمدة 8 سنوات (1980– 1988م)، وهذا هو آخر عملٍ دبلوماسي له، وأحيل بعده للتقاعد عام 1991م... وخلال الغزو العراقي للكويت قام بتدوين وكتابة «يوميات الغزو»، وهو عملٌ توثيقي لجميع الأخبار التي تناولت هذا الغزو، سواءً التي شاهدها عبر التلفزيون أو التي كانت تنشرها الصحف العربية والعالمية... رحم الله السفير البورسلي.
* كاتب وباحث يمني
كُنا قد تحدثنا في خبر البورسلي... أول سفير كويتي في اليمن - مصر نيوز بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا مصر نيوز الالكتروني.
أخبار محلية ودولية، من مصادرها الرسمية : مصدر المقال
0 تعليق