بعد مرور ستة أشهر على انهيار نظام الأسد.. أسباب تمسك لاجئين سوريين في الأردن بعدم العودة إلى سوريا في 2025
اللاجئين السوريين في الأردن، مع تصاعد الأحداث والتغيرات السياسية الأخيرة في سوريا، يبرز ملف اللاجئين السوريين وعودتهم إلى وطنهم من جديد على ساحة النقاش، حيث تتابع منصة مصر نيوز أحدث المستجدات حول أوضاع هؤلاء اللاجئين، وأسباب بقائهم في الأردن أو تفكير بعضهم في العودة بعد سقوط نظام الأسد، معززة بمعلومات موثقة وتفصيلية عن الأرقام الرسمية والمبادرات الأممية التي أطلقت حديثًا.
واقع عودة اللاجئين السوريين بعد سقوط نظام الأسد
منذ إعلان سقوط نظام عائلة الأسد في سوريا بتاريخ 8 ديسمبر 2024، لاحظ المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية تسارع وتيرة عودة اللاجئين السوريين من عدة بلدان حول العالم، بينها الأردن، إلا أن الصورة ليست واحدة للجميع، فبينما يعود بعضهم بدافع الأمل في بداية جديدة، يُبدي آخرون ترددهم أحياناً أو رفضهم لفكرة العودة، لما تنتظرهم من عواقب اقتصادية وأمنية واجتماعية في الأراضي السورية.
في تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والذي صدر قبل أيام، يرى الخبراء أن الانتعاش الأكبر تمثل في عودة فئات واسعة من اللاجئين بشكل طوعي إلى وطنهم، خاصة إلى سوريا، حيث بلغ عدد العائدين إلى البلاد منذ سقوط الأسد وحتى 12 يونيو 577,266 لاجئًا، كان من بينهم أكثر من 86 ألف لاجئ غادروا الأردن خلال نفس الفترة.
معوقات وقلق مستمر رغم سقوط النظام
تُشير شهادات عديدة، رصدتها منصة مصر نيوز، إلى دوافع قوية تمنع الكثير من اللاجئين السوريين في الأردن من اتخاذ قرار العودة، رغم تغير الظروف السياسية في سوريا، حيث أوضحت ريهام، اللاجئة القادمة من مخيم اليرموك شمال دمشق، أنها بعد أكثر من عقد على اللجوء لا تفكر في الرجوع بسبب غياب المسكن وفقدان الموارد المادية، بعد أن دُمر منزلها تماماً ولا تزال المنطقة شبه خالية من السكان، وعبّرت بالقول “بيتي على الأرض بعد دمار الحرب”، في حين تُشير استطلاعات حكومية إلى أن 66% من اللاجئين في الأردن يعتبرون فقدان الملكية عائقًا رئيسيًا للعودة خلال عام.
تأثير غياب الخدمات والفرص التعليمية
أكثر من ذلك، يشعر اللاجئون أن العودة تفتقر للكثير من ضمانات الاستقرار، فهناك من ذهب إلى اعتبار تدهور الخدمات الأساسية – مثل التعليم والصحة والمياه والكهرباء – سبباً رئيسياً لتأجيل العودة، حيث ذكر 41% من السوريين في استبيان أممي أن هذه المخاوف تمنعهم من مغادرة الأردن، فمثلاً رانيا الخالدي، القادمة من حلب، أوضحت لموقع مصر نيوز أن أولادها باتوا مرتبطين بالنظام الدراسي الأردني وأن التعليم في سوريا لا يلبي تطلعاتهم، إلى جانب افتقار التخصصات الحديثة كتخصص الأمن السيبراني الذي يدرسه ابنها في إحدى الجامعات الأردنية.
تحديات الأمن والاقتصاد تهيمن على القرار
من جانب آخر، تتصدر المخاوف الأمنية سلم أولويات العديد من اللاجئين، إذ يرى أحمد نعسان ابن ريف دمشق، أن غياب الأمان وانتشار حوادث الاغتيالات وموجات العنف لا توفر أجواء مطمئنة للعودة، وهو ما يتفق معه فيه أكثر من نصف من شملهم استطلاع المفوضية في الأردن (51%)، كما تعكس مخاوف اقتصادية أخرى جانبًا لا يمكن أهماله، حيث اعتبر 36% من المشاركين أن تردي الوضع الاقتصادي ونقص فرص العمل يمنعهم من التفكير في العودة، خاصة أن كثيراً من الحرف اليدوية مثل الأرابيسك التي يمتهنها السوريون اليوم تعتبر من الكماليات في سوريا الحديثة التي تركز على جهود إعادة الإعمار.
خطط الإعمار والدعم الأممي بعد العقوبات
مع رفع العقوبات الغربية عن سوريا والعمل على دفع عجلة التعافي الاقتصادي، تبرز جهود الحكومة السورية الجديدة لإطلاق مرحلة إعادة الإعمار التي قُدرت تكاليفها بأكثر من 400 مليار دولار حسب تقديرات الأمم المتحدة، وتؤكد المفوضية الأممية أن قرار العودة طوعي بالكامل ويخضع لتفضيلات اللاجئين وظروفهم الشخصية، كما صرحت ممثلة المفوضية في الأردن ماريا ستافروبولو لمنصة مصر نيوز بأن نوعية الخدمات ومستوى الأمان في المناطق التي يقصدها اللاجئون عوامل حاسمة في اتخاذ هذا القرار.
مبادرات أردنية وأممية لدعم العودة الطوعية
أطلق الأردن بالشراكة مع الجهات الدولية مبادرات داعمة لتسهيل عودة الراغبين من اللاجئين، دون تجاهل دعم الموجودين حاليًا، حيث أوضح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أهمية دعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة بالتوازي مع توفير بيئة آمنة للعودة، كما أكد العاهل الأردني عبدالله الثاني في لقائه مع رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا مطلع عام 2025 وجوب تهيئة الظروف لعودة آمنة وكريمة، ولهذا أعلنت المفوضية الأممية استمرار عمل مخيمي الأزرق والزعتري في الوقت الحالي، حيث يضم المخيمان وحدهما 108 ألف لاجئ سوري من أصل أكثر من 534,694 لاجئ باقٍ في الأردن حتى منتصف 2025 حسب سجلات المنظمة.
نُرشح لك قراءةآلاف السوريين في بريطانيا يواجهون خطر النسيان بعد تعليق طلبات لجوئهم 2025.. واقع سياسي جديد
تفاصيل برنامج النقل المجاني وأشكال الدعم المقدمة
أطلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في يناير 2025 برنامجاً جديداً لتوفير نقل مجاني للراغبين بالعودة الطوعية، حيث تم حتى الآن تقديم المساعدة لأكثر من 2800 لاجئ تقدموا بطلبات رسمية، ويشمل البرنامج خدمات واسعة:
- استشارات فردية وتوفير معلومات محدثة وموثقة حول أوضاع مناطق العودة.
- المساعدة القانونية ودعم المعابر الحدودية.
- فحوصات طبية لازمة قبل المغادرة.
- إرشاد حول الطرق المتاحة والخدمات المقدمة في الداخل السوري.
- توفير خطوط اتصال مع مراكز مجتمعية ودعم ميداني للعائدين.
هذه التدابير تهدف إلى ضمان اتخاذ اللاجئين لقراراتهم بأكبر قدر من المعلومات والدعم، مع حماية حقوقهم، حيث تتوقع المفوضية أن يصل عدد العائدين إلى قرابة 1.5 مليون لاجئ سوري من الخارج حتى نهاية 2025، من بينهم 200 ألف لاجئ من الأردن وحدها.
ما هي أبرز التحديات أمام عودة اللاجئين السوريين من الأردن؟
- غياب الأمان والاستقرار في الداخل السوري مع استمرار حوادث العنف.
- الدمار الواسع في المناطق السكنية وغياب القدرة على توفير المساكن.
- تدهور الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والمياه والكهرباء.
- ضعف الخيارات الاقتصادية وغياب الوظائف المناسبة.
- فقدان الممتلكات وعدم وجود تعويضات أو خطط لإعادة الممتلكات.
- ارتباط جيل من الأبناء بالنظام التعليمي والمجتمعي في الأردن.
بهذا، يبقى المشهد مفتوحًا ومتأرجحًا بين بوابات العودة وأروقة معسكرات اللجوء بانتظار تحقق الظروف الملائمة التي تُمكن السوريين من استعادة حياتهم بأمان وكرامة، وذلك وفقًا لما ترصده مصر نيوز من الميدان في صورة دقيقة وشاملة لتطورات هذا الملف الإنساني الحساس.